ذكر الشاعر الفرزذق في مجلس علمي، بأنه من فحول الشعراء في العالم الإسلامي، وتحدث بعضهم في شاعريته، وفاضل بينه وبين جرير وذكر غيره ما امتاز به شعره من قوة ورصانة .
وحدثتهم بدوري عن ديوانه ثم ذكرت هذه الحادثة التي أوردها الشريف المرتضى في كتابه الشهير (أمالي المرتضى) ج1.، ص65.
أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني قال: حديثنا محمد ابن إبراهيم، قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق: قال: حدثني محمد بن محمد بن سليمان الطفاوي قال: حدثني أبي عن جدي قال: شهدت الحسن البصري في جنازة النوار –امرأة الفرزدق- وكان الفرزدق حاضرا، فقال له الحسن، وهو عند القبر: يا أبا فراس ما أعددت لهذا المضجع؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة. فقال له الحسن: هذا العمود، فأين الطنب؟ وفي رواية أخرى أنه قال له: نعم ما أعددت! ثم قال الفرزدق في الحال:
أخاف وراء القبر – إن لم يعافني-* أشدَّ من الموت التهابا وأضيقا
إذا جاءني في يوم القيامة قائد * عنيف وسواقٌ يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى * إلى النار مغلولَ القِلادة أزرقا
يقاد إلى نار الجحيم مُسرْبلا * سرابيلَ قطرانٍ لباسا محدّقا
قال: فرأيت الحسن يدخل بعضه في بعض. ثم قال: حسبك، ويقال إن رجلا رأى الفرزدق بعد موته في منامه، ما فعل بك ربك؟ فقال: عفا عني بتلك الأبيات.
وكان متشيعا لبني هاشم وله فيهم شعر رائع جميل، وفي كتب الأدب والتاريخ أن علي بن الحسين حج فارتاع الناس لطلعته البهية، وتشوفوا له وجعلوا يقولون: من هذا؟ فقال الفرزدق في الحين:
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي العَلَم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيتُ يعرفه والحِلّ والحَرَم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرَم
يكاد يُمسكه عرفان راحته * ركنُ الحطيم إذا ما جاء يستلم
يُغضي حياء ويُغضي من مهابته * فما يكلَّم إلا حين يبتسم
ولد الفرزدق عام 38هـ وتوفي عام 110هـ وقد بلغت قصائده ومقطوعاته نحو من 714.